بســم الله الـرحمــن الرحيــم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه لماذا نحب الصحابة رضي الله عنهم؟الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده أما بعد :
فإن
حب الصحابة من أصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة لأنهم صفوة البشر
الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ونشر دينه ، فهم الذين حفظوا لنا كتاب الله
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وبلغوا ذلك إلينا ، ولولا هؤلاء الثلة
الأخيار لضاعت شرائع الإسلام كما ضاعت اليهودية والنصرانية ، ومن هنا كان
الطعن في الصحابة طعناً فيما حملوه إلينا من الوحي .
وقد ورد في الفضائل الصحابة من نصوص الكتاب والسنة ما يوجب محبتهم والذب عنهم وبغض منتقضيهم ،فنحن نحب الصحابة لما يلي :
1-
نحب الصحابة لأن الله تعالى قد رضي عنهم فقال ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ
عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا
فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا
قَرِيبًا )).
2- لأن الله تعالى وصفهم بالإيمان فقال : ((هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ )).
3-
نحب الصحابة لأن الله عز وجل زكاهم ووصفهم بالفلاح ووعدهم الجنة فقال
سبحانه ((لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ
وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
)).
4- نحب الصحابة لأن الله عز وجل
قال : ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )) قال ابن عباس :
هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم .
5-
نحب الصحابة لأن الله عز وجل يحبهم كما قال (( فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) قال الحسن : والله ما هي لأهل
حروراء ، ولكنها لأبي بكر وعمر وأصحابهما .
6-
نحب الصحابة لأن الله عز وجل نعتهم بالإيمان فقال : ((وَالَّذِينَ
آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ
آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم
مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ))
7-
لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل محبتهم علامة الإيمان وبغضهم علامة
النفاق فقال صلى الله وعليه وسلم (( آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق
بغض الأنصار )) متفق عليه
8- نحب
الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن ذكرهم بسوء فقال النبي صلى
الله عليه وسلم (( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا وإذا
ذكر القدر فأمسكوا )) الطبراني
9-
نحب الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم أماناً للأمة فقال النبي
صلى الله وعليه وسلم (( النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء
ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة
لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون )) رواه مسلم .
10-
نحب الصحابة لأنه النبي صلى الله وعليه وسلم جعلهم خير الناس وأفضلهم فقال
صلى الله وعليه وسلم (( خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم )) رواه مسلم .
11- نحب
الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سبهم فقال عليه الصلاة
والسلام (( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد
ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه ))رواه مسلم
12- نحب الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من سبهم فقال صلى الله عليه وسلم (( لعن الله من سب أصحابي )) الطبراني
13-
نحب الصحابة لانه النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن النصر والفتوحات تكون
على أيديهم وعلى أيدي أتباعهم وقد كان . قال النبي صلى الله وعليه وسلم ((
يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فقال : فيكم من صاحب رسول الله
صلى الله وعليه وسلم ؟ فيقولون : نعم فيفتح لهم .ثم يأتي على الناس زمان
فيغزو فئام من الناس فقال لهم : فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله
وعليه وسلم ؟ فيقولون :نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام
من الناس فقال لهم : هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله
وعليه وسلم ؟ فيقولون :نعم فيفتح لهم )) متفق عليه
14-
نحب الصحابة لأنهم وزراء النبي صلى الله وعليه وسلم وأنصاره قال النبي صلى
الله وعليه وسلم (( إن الله تبارك وتعالى اختارني واختار لي أصحاباً فجعل
لي منهم وزراء وأنصارا وأصهاراً فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة حرف ولا عدل )) رواه الحاكم صحيحة
15-
نحب الصحابة لأن محبتهم دليل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم وبغضهم
دليل على بغض النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام : ((
الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن
أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى
الله أوشك أن يأخذه )) رواه أحمد والترمذي
16-
نحب الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حفظهم ورعايتهم حفظاً له
عليه الصلاة والسلام فقد قال (( أحفظوني في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم )) رواه ابن ماجه
17-
نحب الصحابة لأنهم أهل العلم والفضل والأخلاق والصدق كما قال النبي صلى
الله وعليه وسلم (( أرأف أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر
وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي وأعلمهم
بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو
عبيدة بن الجراح )) الحاكم في المستدرك .
ابن مسعود يصف أصحاب النبي صلى الله وعليه وسلم:
قال ابن مسعود رضي الله عنه في وصف النبي صلى الله وعليه وسلم وأصحابه:
((
إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله وعليه وسلم خير قلوب
العباد فاصطفاه لنفسه فابعثه برسالة ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب
أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه )) رواه أحمد .
وقال
أيضاً (( من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة
أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً
وأقلها تكلفا قوم أختارهم الله تعالى لصحبة نبيه وإقامة دينه فعرفوا حقهم
وتمسكوا يهديهم فإنهم على الهدي المستقيم )) رواه ابن عبد البر .
كلام إمام أهل السنة أحمد بن حنبل:
قال
رحمه الله : (( ومن الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن ذكر مساويهم والخلاف الذي
شجر بينهم فمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحداً منهم أو تنقص
أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحداً منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف
لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء
بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير
الناس بل لايجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحدٍ منهم
بعيب ولا نقص )) كتاب السنة ص 78 .
كلام الإمام الآجري رحمه الله:
قال
رحمه الله : فإنه مما يسر الله الكريم لي من رسم كتاب(( الشريعة )) يسر لي
أن رسمت فيه فضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأذكر بعد ذلك فضائل
صحابته رضي الله عنهم الذين اختارهم الله عز وجل له فجعلهم وزراءه وأصهاره
وأنصاره والخلفاء من بعده في أمته وهم المهاجرين والأنصار الذين نعتهم
الله عز وجل في كتابه بأحسن النعت ووصفهم بأجمل الوصف ( ذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).
المهاجرون
فأما
المهاجرون رضي الله عنهم : فإنهم آمنوا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم
وصدقوا الإيمان بالعمل وصبروا مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل شدة
وآثروا الذل في الله عز وجل على العز في غير الله وآثروا الجوع في الله عز
وجل على الشبع في غير الله .
عادوا في لله عز وجل القريب والبعيد
وهاجروا مع الرسول صلى الله وعليه وسلم وفارقوا الآباء والأبناء والأهل
والعشائر وتركوا الأموال والديار وخرجوا فقراء كل ذلك محبة منهم لله تبارك
وتعالى ولرسوله صلى الله وعليه وسلم .
كان الله عز وجل ورسوله صلى
الله وعليه وسلم آثر عندهم من جميع من ذكرناه بإيمان ٍ صادق وعقول مؤيدة
وأنفس كريمة ورأي سديد وصبر جميل بتوفيق من الله عز وجل ((رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ
اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) .
الأنصار
وأما
الأنصار رضي الله عنهم : فهم قوم اختارهم الله عز وجل لنصرة دينه وإتباع
نبيه فآمنوا به بمكة وبايعوه وصدقوا في بيعتهم ياه فأحبوه ونصروه واتبعوا
النور الذي أنزل معه وأرادوا أن يخرجوه معهم إلى المدينة محبة منهم له
فسألهم النبي صلى الله وعليه وسلم تركه إلى وقت ثم خرجوا إلى المدينة
فأخبروا إخوانهم بإيمانهم فآمنوا وصدقوا .
فلما هاجر إليهم الرسول
صلى الله وعليه وسلم استبشروا بذلك وسُروا بقدومه عليهم فأكرموه وعظموه
وعلموا أنها نعمة من الله عز وجل عليهم.
ثم قدم المهاجرون بعدهم
ففرحوا بقدومهم فأكرموهم بأحسن الكرامة ووسعوا لهم الديار وآثروهم على
الأهل والأولاد وأحبوهم حباً شديداً وصاروا إخوة في الله عز وجل وتألفت
القلوب بتوفيق من المحبوب بعد أن كانوا أعداًء .
قال الله عز وجل
لنبيه صلى الله وعليه وسلم ((هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ
وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي
الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ
أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))
ثم قال عز وجل
للجميع(( ْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ
أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم
مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ ))
فأجمعوا جميعاً على محبة الله عز وجل ومحبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعلى المعاونة على نصرته والسمع والطاعة له في العسر
واليسر والمنشط والمكره لا تأخذهم في الله لومة لائم .
فنعت الله عز
وجل المهاجرين والأنصار في كتابه في غير موضع منه بكل نعتٍ حسن جميل
ووعدهم الجنة خالدين فيها أبداً وأخبرنا أنه قد رضي عنهم ورضوا عنه
((أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ))
كلام الإمام الذهبي رحمه الله
قال
رحمه الله (( وإنما يعرف فضائل الصحابة من تدبر أحوالهم وسيرهم وآثارهم في
حياة رسول الله صلى الله وعليه وسلم وبعد موته من المسابقة إلى الإيمان
والمجاهدة للكفار ونشر الدين وإظهار شعائر الإسلام وإعلاء كلمة الله
ورسوله وتعليم فرائضه وسننه ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع
ولا علمنا من الفرائض والسنن سنة ولا فرضاً ولا علمنا من الأحاديث
والأخبار شيئاً .
فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من ملة
ِالمسلمين لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم وإضمار الحقد عليهم
وما لرسول الله صلى الله وعليه وسلم من ثنائه عليهم وفضائلهم ومناقبهم
وحبهم .
ولأنهم أرضى الوسائل من المأثور والوسائط من المنقول والطعن
في الوسائط طعن في الأصل والازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول وهذا ظاهر لمن
تدبره وسلم من النفاق والزندقة والإلحاد في عقيدته )) الكبائر
قال الفضيل بن عياض : حب أصحاب محمد ذخر أدخره رحم الله من ترحم على أصحاب محمد صلى الله وعليه وسلم .
وقال ابن المبارك: خصلتان من كانتا فيه الصدق وحب أصحاب محمد صلى الله وعليه وسلم أرجو أن ينجو ويسلم.
وأنشده أبو بكر بن الطيب لبعضهم:
أني رضيت علياً قدوة علماً * كما رضيت عتيقاً صاحب الغار
وقد رضيت أبا حفصٍ وشيعته *وما رضيتُ بقتل ِ الشيخ في الدار
كلّ الصحابة عندي قدوة' علم * فهل عليّ بهذا القولِ من عار
إن كنت تعلم أني لا أحبهم *إلا لوجهك فاعتقني من النار
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين