كلام رمضاني

د سمير صفي:
اتصل بي الأخ الصحافي طاهر طبعاً من صحيفة «الوقت» يطلب مني كتابة مقال بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، فسألته عن موضوع المقال المتوقع مني نشره، فأجاب أي أمر يخص شهر رمضان.. فقلت في نفسي بالتأكيد ليس موضوعاً متعلقاً بالروحانيات ولا الدينية، حيث إنني لست مؤهلاً ولست من جهة الاختصاص الذي يكتب عن الشهر الفضيل في الجوانب الإيمانية.
وحيث إنني ممتن أدبياً لرئيس هيئة تحرير صحيفة «الوقت» إبراهيم بشمي فقد سبق أن نشر لي مقالاً في الصفحة الأولى من «الوقت» وبحجم نصف صفحة وقد تبنى فكرة المقال الذي تم نشره.. ومناسبة أخرى، فقد سبق أن بعثت مقالاً لأحد رؤساء التحرير لإحدى الصحف المحلية فرفض نشر مقالي، ولكن حينما أرسلت للأستاذ إبراهيم (حينها كان مسؤولاً في صحيفة «الأيام») لم يتردد في نشر المقال، ولهذا فإنني أعتبر نفسي مديناً له في التواصل الفكري والثقافي.
على كل.. وإنني إذ أدوّن هذه السطور وأنا أحتسي القهوة في مجمع سيتي سنتر، حقيقة لا أعلم ولا أدري في أي شأن ممكن ذكره في حق شهر تعتبر إحدى لياليه خيراً من ألف شهر من دون أن يتم التطرق إلى فضائل وفوائد شهر رمضان الكريم.
على أية حال.. بما أنني كتبت مراراً عن نبذ الطائفية، فخطر على بالي لمَ لا يستغل شهر رمضان في تنوير المجتمع من المخاطر التي قد تضعفنا وتعصف بنا وتشتتنا إن لم نتشبث بالثوابت وقيمنا الوطنية.
أنا لا أفقه في أمور الدين ولكنني على يقين بأن اجتناب الفتنة واجتثاث الطائفية المقيتة من جذورها وزرع الوحدة والمحبة والوئام من الأمور التي يحث عليها ديننا الحنيف، بل التلاحم والتآلف وعدم التفرقة من الضروريات، فجميعها تؤدي إلى وحدة الأمة وصيانتها من كل الشوائب والأفكار النتنة التي قد تنخر رص صفها ومن شأنها أن تضعف البيان المرصوص. قد قلتها في أكثر من مناسبة.. أعود وأكرر مرة ثالثة ورابعة وعاشرة، متى تتوقف صحفنا من ذكر كلمتي سني وشيعي؟.. متى يعي الإخوة والأخوات كتّاب الأعمدة التبعات من وراء تكرار استعمال السني والشيعي في كل شاردة وواردة؟.. متى تتوقف تلك الأقلام التي لم نقرأ لها يوماً إلا ويتم ذكر السني والشيعي الذي يعتبر معولاً للهدم وليس للبناء، فهؤلاء كتاب الأعمدة ولست أستثني رؤساء التحرير فهم يوقدون نار الطائفية من حيث لا يعلمون.. إن تكرار استخدام كلمتي السني والشيعي والمبالغة فيه، في الجرائد وبشكل يومي لهو عيب وإهانة واستخفاف في حق أبناء الوطن الواحد.
أتمنى من الجهات المسؤولة أن تأخذ الأمر بعين الاعتبار وأن تسد كل ثغرة من شأنها أن تثير الطائفية، وأن تمنع استخدام الألفاظ وهوية الطائفية في الصحف التي تفرق بين الموطنين مما قد يغيظ وتثير حفيظتهم.
لا أطيل.. نذكّر أنفسنا.. بأن الأطفال الذين ولدوا مع ولادة الديمقراطية في البلاد قد ناهزت أعمارهم عشر سنوات، وإليكم أن تتخيلوا بعد عشر سنوات أخرى إذا لم تكف الصحافة واستمرت ذكر تلكما الكلمتين كيف لنا أن نتوقع من هؤلاء الأطفال أن يتعايشوا ويتعاونوا ويتعانقوا ويتعاملوا فيما بينهم.
ومبارك للجميع شهر رمضان.

مشكوره